Logo 2 Image




مولاي صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد..

فلقد تشرفت يا مولاي بتكليفكم لي بتشكيل الحكومة..وجاء كتاب التكليف السامي شاملا ومرشدا وهاديا لي وللحكومة التي ستضع توجيهاتكم السامية موضع التنفيذ وتكون اولوياتها هي بالضبط ما حفل به كتاب التكليف من توجيهات ودلالات عميقة تشد من ازرنا وتشحذ عزائمنا وتزيد من طموحنا بأن نكون عند حسن ظن جلالتكم وموضع ثقتكم وثقة ابناء شعبكم الاردني العظيم الذي يستحق منا كل الجهد والعمل الدووب وتوفير العيش الكريم وفرص العمل والامن والحرية والاستقرار التزاما منا وعهدا بالمضي قدما على الطريق الذي رسمتموه والاصلاح الذي اعتمدتموه والتغيير الذي اردتموه نهجا لاستكمال بناء الاردن الغالى دولة المؤسسات والقانون والتعددية والحداثه.
مولاي صاحب الجلالة..
ان ماورد في كتاب التكليف السامي من توجيهات ومحاور ستوليها الحكومة العناية الكاملة والاهتمام والجهد الموصول لانجازها وتعظيم مكاسبها وتعميق جذورها كي تصبح نهجا مكرسا ومدرسة في العطاء والانتاج تراكم على ما انجزته الحكومات السابقة..لكنها في الوقت نفسه تضع التوجيه الذي ورد في كتاب التكليف السامي بأن الاصلاح لم يعد خيارا فقط بل هو ضرورة حياتية للاردن الجديد الذي نريد..سنضعه يا مولاي شعارا يترجم على الارض ويلمسه كل اردني واردنية واقعا حياتيا وليس مجرد كلمات تطلق في المناسبات.
لذا فان الحكومة ملتزمة بتكريس الاصلاح مفهوما ونهجا في جدول اعمالها.. وسيكون اصلاحا بكل ما في الكلمة من معنى بعيدا عن الشكليات او المجاملات وسيطال مواقع ومؤسسات وبني تحتية ضمن منهجية منسقة لا تضارب فيها ولا مزاجية..وهي ستنحو في مقارباتها منحي علميا يتواءم وحاجات بلدنا وشعبنا ولا ينقطع عما يجري في العالم وبما يسهم في تعميق ما انجزنا وتجاوز الاختلالات او الاخطاء التي حدثت عند التطبيق سواء بانعدام الخبرة وضغط الظروف او سوء التقدير.
وكم كان من حسن طالع هذه الحكومة التي شرفتموني يا مولاي بتشكيلها ان ارادتكم تزامنت مع صدور توصيات لجنة الاجندة الوطنية التي ستكون بالنسبة الينا البوصلة التي نهتدي بها لتطبيق الاصلاحات التي وجهتم الحكومة لتنفيذها ونتشرف بأن نضع الاهداف التي حددتموها عندما تم تشكيل اللجنة في شهر شباط الماضي موضع التنفيذ اخذين بعين الاعتبار المحاور والمحطات التي تسمح بتسريع نهج الاصلاح وتكريس الديمقراطية اسلوب حياة وثقافة وممارسة وليس مجرد شعارات ترفع عند كل مناسبه.
والاصلاح وكما اكدتم جلالتكم في اكثر من مناسبة لن يكون احادي الاتجاه او مجرد عناوين بل هو برنامج شامل ومتكامل اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا.
وسنبدأ يا مولاي بتنفيذ ما وجهتم الحكومة الجديدة في كتاب التكليف السامي وسنشكل على الفور اللجان الوزارية اللازمة لاعداد قوانين جديدة للانتخاب والاحزاب والبلديات تأخذ بعين الاعتبار معايير العصرية والعدالة واستحقاقات المتغيرات وستكثف الحكومة التعاون مع مجلس الامة شريكنا في عملية صنع القرار لاخراج هذه القوانين الناظمة لحياتنا السياسية الى حيز الوجود والتي تستهدف قبل كل شيء تحديد حياتنا السياسية والبرلمانية ومشاركة قطاعات واسعة من ابناء شعبنا فيها في حوارات ونقاشات واسعة ومفتوحة تمنح الحوار الاولوية وتفتح المجال امام جميع ابناء وبنات الوطن للمشاركة في صنع مستقبل الاردن .
ان الحكومة يا مولاي ملتزمة بالمحافظة على مكتسبات شعبنا التي تحققت بفضل اصراركم على حق الاردنيين في التمتع بالحرية والحقوق الدستورية والامن والاستقرار وسيادة القانون وهي اذ تصدع لتوجيهاتكم السامية ترى ان الامن والحرية صنوان لا ينفصلان وانجازان حضاريان استطاعت المجتمعات الحديثة ان تحافظ عليهما في اصعب الظروف ولن يكون الاردن استثناء من هذا الجهد الحضاري والانساني وستكون الحكومة يا مولاي حريصة على ابقاء معادلة التوازن بين عنصري الامن والحرية قائمة ولن نسمح لاحداهما بالهيمنة على الاخر وسيبقي الامن والاستقرار سمة اردنية بامتياز على الرغم من الحادث الارهابي الذي استهدف الابرياء الامنين في عاصمة ملككم وتصدى له شعبكم الوفي بالرفض والتنديد عبر وقفة عز وشموخ جسدت عملا وقولا شعار الاسرة الاردنية الواحدة المتماسكة..وان ما وقع في عاصمتنا الحبيبة عمان من عمل ارهابي اثم لم يزدنا الا اصرارا على المضي قدما في حربنا الوقائية على الارهاب وثقافة التكفير الغريبة على مجتمعنا والتي لم يلجأ اليها الا نفر قليل لن يسمح له مجتمعنا ان يتسلل الى الاردن لادراكه وايمانه العميق بأن هذه الثقافة خارجة على قيم الاسلام الانسانية والحضارية والاخلاقية.. وان مواجهتنا الوقائية في التصدي لهذه الثقافة لن تستثني اولئك الذين يبررون جرائم الارهابيين بحق الانسانيه.
مولاي صاحب الجلالة..
ان الحكومة تؤكد على الحرية بما هي قيمة وثقافة وضرورة للمجتمعات الحديثة وهي تتوخي في المحافظة عليها اهمية ان يمارس الاردنيون حقوقهم الدستورية في اطار من المسؤولية والانتماء والمحافظة على المكتسبات الوطنية وامن بلدهم وامنهم الشخصي ايضا الذي هو جزء لا يتجزأ من الامن الوطني بمفهومه الشامل والاستراتيجي ما يعني اننا سنكون حكومة حوار وانفتاح على الجميع وسماع كل وجهات النظر ولن نسعى الى فرض اي وجهة نظر على احد لكن مصالح الاردن العليا هي خط احمر لن نسمح لاحد بتجاوزه او تجاهله او القفز عليه.
ان الحكومة يا مولاي ترى ان معالجة القضايا الخلافية في السياسة وفي المجالات الاجتماعية والاقتصادية لا تقوم على اسس امنية ولا ننظر اليها كذلك..بل اننا نرى وكما اكدتم جلالتكم انها تعالج باساليب فكرية وثقافية وسياسية واليات عمل تشارك فيها كل اطياف المجتمع الاردني وبما يخلق حيوية وتواصلا بين شرائح مجتمعنا ويسهم في انخراط الجميع في ورشة العمل الوطني التي بدأتموها جلالتكم منذ اليوم الاول لتسلمكم سلطاتكم الدستورية في هذا الحمي العربي الهاشمي.
وتنفيذا لتوجيهاتكم ورؤيتكم السديدة بمعالجة مسالتي الفقر والبطالة ستبدأ الحكومة فورا بوضع خطط سريعة عملية وقابلة للتنفيذ للتخفيف من الفقر والحد من البطالة على المدى المتوسط والبعيد باعتبارهما عائقا كبيرا امام التنمية والانتاج.
والحكومة في هذا المجال لن تلجأ الى طرق عقيمة او ظرفية او مزاجية في معالجتها بل ستقوم وكما امرتم جلالتكم بوضع قاعدة بيانات واضحة وشفافة ومحوسبة تقوم غرف ميدانية باعدادها وتحديثها دوريا لحصر الاسر الفقيرة في المملكة لضمان ايصال الدعم لمستحقيه..كما ستشرع الحكومة بوضع الخطط اللازمة لتنفيذ توجيهاتكم السامية بشمول شرائح اوسع من المواطنين في مظلة التأمين الصحي وكذلك العمل على تخصيص جزء من اراضي الخزينة لاقامة مساكن عليها لذوي الدخل المحدود وباسعار رمزية وتشجيعية معقولة تراعي ظروفهم المعيشية واحوالهم المادية..مثلما ستأخذ على عاتقها مسؤولية محاربة الفساد والمفسدين وجعل الاردن في مصاف الدول التي تعمل على التخلص من هذه الظاهرة بما في ذلك اخراج قانون مكافحة الفساد المودع لدى مجلس النواب الى حيز الوجود بالسرعة الممكنة.
مولاي صاحب الجلالة..
ان الحكومة ملتزمة بالمضي قدما في تعزيز المناخ الاستثماري في بلدنا وبما يكفل ليس فقط ضمان ثقة المستثمرين العرب والاجانب..بل وايضا زيادة هذه الاستثمارات كما وكيفا عبر العمل الجاد والميداني لازالة كل العوائق البيروقراطية وتعزيز وتبسيط الاجراءات الادارية والقانونية وتحديثها وعصرنتها بما يعود على بلدنا واقتصادنا بالفائدة وفرص عمل وخبرات وتقنيات وعلى المستثمرين بعوائد مجزية في الوقت ذاته وسيكون المعيار الاساسي لتشجيع الاستثمار وجذب الاستثمارات قدرتها على ايجاد فرص العمل لابناء وبنات الوطن..وستشرع الحكومة باستكمال برنامج الخصخصة وتنفيذ الجدول الخاص بذلك من خلال خصخصة ما تبقي من شركات ومؤسسات ووضع توجيهاتكم في تخصيص جزء من اسهم الشركات التي ستعكف الحكومة على خصخصتها لمنتسبي ومتقاعدي قواتنا المسلحة والاجهزة الامنية حيز التنفيذ.
وهي مناسبة هنا يا مولاي للتأكيد على ما جاء في كتاب التكليف السامي بما تتمتع به قواتنا المسلحة واجهزتنا الامنية من يقظة وجهوزية واحتراف وخبرات ما كان لها ان تتحقق لولا دعم جلالتكم الشخصي والعناية التي تولونها عبر التحديث والتدريب وتوفير الحياة الكريمة لمنتسبيها وهو نهج ستحافظ عليه الحكومة وستضعه في سلم اولوياتها وبرامجها ليبقى الاردن واحة امن واستقرار لابنائه وبناته كما هو لاشقائه وضيوفه .
ان شعوب العالم ودوله يا مولاي باتت اليوم قريبة من بعضها البعض على نحو غير مسبوق بفضل ما حققته ثورة الاتصالات والمعلوماتية وما تنهض به وسائل الاعلام من مهمات ومسؤوليات لايصال المعلومة وملاحقة الاخبار وكشف الحقيقة والتوعيه.
والحكومة يا مولاي تدرك اهمية هذا الدور المنوط بالاعلام بشتى صوره واشكاله وتري الاعلام الاردني جزءا من هذه المنظومة الدولية التي لا يجب ان يخرج من حراكها او يتوقف عند حدود نقل الخبر فقط بل هو جزء من الدولة الاردنية الحديثه..ولن تسعى الحكومة لاستتباعه او تدجينه..بل ستعمل على ان ينخرط وكما هو مأمول وواجب في ورشة العمل الوطني الهادفة الى تكريس ثقافة الحوار ونبذ العنف ومواجهة دعوات التكفير واحترام الرأي والرأي الاخر والدفاع عن قيم الديمقراطية والعدالة وتوخي الحقيقة والموضوعية والابتعاد عن الاثارة والتشهير واغتيال الشخصية وشخصنة المسائل والقضايا الخلافية بمسؤولية وحرية لا سقف لها ما دام الالتزام هو الدفاع عن المصالح العليا للشعب الاردني واعتبار الاردن اولا ودائما.
ان الحكومة يا مولاي تنظر الى الملفات والقضايا الوطنية نظرة شمولية وتعلم ان مهمتها لن تكون سهلة لكنها تطمح وستعمل جاهدة على ان تكون عند حسن ظن جلالتكم وثقة ابناء شعبنا تستمد العزيمة من قيادتكم والامل من تاريخ هذا البلد وشعبه العظيم..وما استطاع الاردنيون بقيادتكم الهاشمية انجازه عبر العقود الطويلة رغم شح الامكانات وتواضع الموارد ولهذا فان الحكومة ستولي اهتمامها لقطاع الشباب وسيكون للمرأة نصيبها الكبير من جهودنا وسنولي مسالة التنمية الافقية اهتماما خاصا بحيث يطال مكاسبها جميع المحافظات وفق كل ما هو متاح وممكن لتحسين مستوي معيشة ابناء شعبنا وسنواصل دعم برامج التعليم من خلال استكمال حوسبة المناهج وربط المدارس باجهزة الكمبيوتر والتركيز على التخصصات التي يحتاجها سوق العمل الاردني والعربي..ولن نألوا جهدا في تحديث المناهج وعصرنتها وتصميمها على اسس علمية تحترم العقل وتحث على منهجه في الوقت الذي نحافظ فيه على هويتنا العربية والاسلامية واصالتنا وتراثنا وقيمنا والمضيء من تاريخنا وحضارتنا.
مولاي جلالة الملك..
ان ما كرسه الهاشميون من دعم موصول للاشقاء في فلسطين سيكون نبراسا وهاديا في تعامل الحكومة مع السلطة الوطنية الفلسطينية اذ ستسير الحكومة على خطى جلالتكم لتقديم الدعم والعون المادي والمعنوي للشعب الفلسطيني الشقيق وتكثيف العمل لابقاء الزخم في العملية السياسية وبما يسهم في تنفيذ خارطة الطريق واقامة الدولة الفلسطينية وضمان استتباب السلام الدائم والشامل والعادل الذي تؤيده الشعوب ويضع حدا لصراع دموي طال واثبتت الايام ووقائع السنين بأن لا حلا عسكريا او امنيا له وان المفاوضات هي الطريق الوحيد للوصول اليه .
اما العراق يا مولاي فسيكون على جدول عمل الحكومة من منطلق العلاقات التاريخية الاخوية التي تربط بين الشعبين الشقيقين وضمن ما حددتموه في توجيهاتكم وهو اننا مع العراقيين جميعا في سعيهم لبناء العراق الجديد الذي تسهم كل شرائحه ومكوناته في اقامته وهو العراق الموحد التعددي الديمقراطي الرافضة نخبه واحزابه ومؤسساته المدنية العنف والارهاب والمتوافق ابناؤه على المنافسة الحضارية للتمثيل في مؤسسات الدولة ومواقعها.
مولاي صاحب الجلالة..
ان جهدكم العظيم والموصول لوضع الاردن على خريطة العالم بما هو وطن الحرية والاعتدال والانحياز غير المحدود للسلام كتاب نقرأ فيه المجد والفخار ونتعلم منه فنون القيادة والسياسة..وما كانت رسالة عمان والمؤتمر الاسلامي الدولي الذي تبناها وثيقة عمل لتذكير المسلمين بقيم الاسلام وصورته الحقيقية سوى بعض هذا الجهد الاستثنائي الذي نهضتم به ..وستكون رسالة عمان بما احتوت من مفاهيم ودلالات ومعان موضع عناية خاصة ..حيث ستعمل الحكومة على ايصالها الى كل مدرسة وجامعة وبيت اردني حتى يسهم ابناء شعبنا في هذه المهمة النبيله.
واذ ارفع الى مقام جلالتكم اسماء زملائي الوزراء فاني واياهم نضرع الى المولي عز وجل ان يحفظ جلالتكم ويكلاكم برعايته وتوفيقه..وان يديمكم سندا وذخرا لشعبكم الوفي ولامتكم العربية والاسلامية..وليبقي الاردن اولا حاضرا ومستقبلا .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
خادمكم الامين
معروف البخيت
عمان في 25 شوال 1426 هجرية
الموافق 27 تشرين الثاني 2005ميلادية

كيف تقيم محتوى الصفحة؟